ظهر التيار البيئي خاصة في المجتمعات الغربية مع التسارع والتطور المستمر والهائل الذي بلغ ذروته حيث شمل جميع ميادين ومجالات الحياة الاجتماعية، الاقتصادية، والأخلاقية، ونظرا لهذا التطور التكنولوجي الشامل فقد تولد في المقابل الوضع المتأزم الذي أصبحت تعاني منه الأخلاق الراهنة جراء التجاوزات التكنولوجية والعلمية ولعل ذلك أثر بشكل سلبي على الطبيعة الحية والتي واجهت العديد من التحديات اللاعقلانية والأخلاقية التي ميزت المجتمع المعاصر .وعليه فهذه الأفعال البشرية والتجاوزات الهائلة على حساب الإنسان الآخر والطبيعة فقد نتج عنها الوضع المزري والطبيعة الهشة والغامضة لمستقبل الأجيال القادمة وأمام هذا الوضع يعد الإنسان والمركزية البشرية هو المسؤول الأول والأخير عما وصلت له الإنسانية والطبيعة اليوم ومن تفاقم للأزمة البيئية التي أضحت تأخد تدريجيا نتيجة الاستغلال غير العقلاني للموارد والطاقات الطبيعية الأمر الذي أدى إلى ظهور العديد من المشاكل في الغلاف الجوي والنظام البيئي والأمطار الحمضية وظهور ثقب الأوزون …وغيرها من صور الاستغلال والانتهاك الأناني واللاعقلاني للطبيعة وجعلها أكثر عرضة للدمار وغموضا للنسبة للمستقبل، وهنا تزداد الأزمة تعقيدا خاصة أنه لا يمكن الفصل بين الإنسان والطبيعة وبين الطبيعة والكائنات الأخرى غير البشرية، أي عدم إمكانية الفصل بين الكائن الحي والوسط الذي يعيش فيه، ومن هذا المنطلق يتزايد حجم المسؤولية البشرية الحاضرة على الطبيعة والبيئة من جهة وعلى الإنسان اللاحق والمستقبل من جهة تانية، ليتدخل التصور الإيكولوجي في هذا الشأن باسم واحد من أهم الفلاسفة والإكولوجيين المعاصرين ألا وهو هانس جوناس الذي اهتم اهتماما خاصا بالوضع الذي آلت الطبيعة والإنسانية المستقبلية من تهديد واعتبر واحدا من أبرز الأسماء داخل حقل الإكولوجيا الذي حاول إخراج الإنسان والطبيعة من ذلك الوضع ، حيت اتخذ النقد عنده موضوعا تجاه الفلسفات الأخلاقية الكلاسيكية القصيرة والضيقة والتصورات التي تهمش وتقصي دور الطبيعة وكذا الأنظمة بمختلف أنواعها التي أثرت هي الأخرى بشكل كبير على البيئة الحية وزادت من تشعب مشاكلها وبالتالي لتحقيق الوفاق مع الطبيعة فقد صاغ هانس جوناس مشروعه الأخلاقي الذي تمثل في أخلاق المسؤولية والحق الإيكولوجي والذي كان عبارة عن نقد اخلاقي للفلسفات التي أقصت الطبيعة وأعلت من شأن المركزية البشرية على حساب الطبيعة ، وتكمن أهمية موضوع الأخلاق الجديدة والحق الإيكولوجي في تعالي الأصوات التي تنادي بتأسيس أخلاقيات للحفاظ على البيئة من المخاطر والتحديات التي تهددها حيت تعد الأخلاق الجوناسية كمنقذ للإنسان من المستقبل المجهول الذي ستواجهه الأجيال المقبلة.
أخلاق المسؤولية والحق الإيكولوجي عند هانس جوناس
